لمن نكتب ؟! لم تكن الكتابة لدى الكاتب مجرد حالة اشتهاء تجتاحه، و تجعل منه المصاب الذي يبحث عن العلاج ، و يعاني ألمها حتى يستوي و تخرج المقالة . و يكون قد شفي تماما من سقيم الحالة .
قبل كل شيء .. ما هي الكتابة ؟
لعلي قرأت في جريدة كلام كثير يعتقد أصحابه أنها كتابة ، و هو في حقيقة الأمر لا يتعدى كونه خربشات سمحت لها الظروف أن تمر و تجد مكاناً غير مناسب لتلصق به.
الكتابة تختلف من مكان لأخر و من مناسبة لأخرى ، فبعضنا يكتب و الكتابة حالة و بهذا يكون المكتوب نصاً ( شعراً ـ نثراً ) و يكون المتلقي هاضماً لهذا النص الخارج من القلب ليكون مكانه القلب .
و البعض الأخر يكتب و الكتابة خاطر يتألم لأجل سلبيات لابد لها من تشخيص لكي تجد العلاج لدى من يهمهم الأمر و يكون المتلقي من المتضررين و يبارك الكتابة و يترك الأمر إلى من يهمهم .
و لكن الكتابة لغرض التشهير بأي كان ما هي بكتابة و أن أصابت ما قصد كاتبها ، و الكتابة لغرض البحث عن الشهرة عمرها قصير و سينتهي صاحبها بعد أن يستنزف أدوات الكتابة و يظل مولعا بمرض الشهرة و لا أعتقد بأنه سيجد العلاج .
الكتابة الحقيقية لابد لها أن تكون جامعة لكل المعايير و مؤاتية لكل العوامل التي تأهلها للوصول إلى غرضها ، و أولها على الكاتب أن يسأل نفسه لمن يكتب ؟
بمعنى أكثر شمولية ، من المتلقي و ما هي البيئة التي يكتب فيها و ما المستويات التي أخاطبها ؟
و بعد الإجابة على كل هذه التساؤلات ،سيجد الكاتب نفسه مضطراً لإبداع نصاً يرقى إلى مستوى المتلقي ، بكل حيثياته ، و لا يحتمل التأويل و لا الفهم الخطأ ، و يكسب الكاتب بكتاباته رضا القارئ و هو خير مكسب يسعى إليه الكاتب الحقيقي .
و على الكاتب أن يكون حذراً عند لقائه بقرائه .. فمنهم من يدعو إلى المساس بعيوب الغير من المسئولين بطريقة مباشرة ، و في ذلك فتنة ؛ يجب ألا يقع فيها .
بل الأخذ بالقول : ( النصيحة على الملأ فضيحة ) و توخي التقنين في النقد لكي يكون بناءاً لا لقصد الهدم . فالنصيحة على الملأ لا تحقق مبتغاها .
علينا أن نؤمن بأن الكتابة موهبة تولد مع الشخص و ينميها لا تكتسب بعد حين ، و من يجد في نفسه غياب الموهبة عليه أن يبحث لنفسه مهنة أخرى يمتهنها ؛ ليرحم القارئ من التخبط بين سطوره التي بكل تأكيد ستفتقد إلى الإبداع .
لمن نكتب ؟ سؤال لا يبحث عن إجابة بل ستظل إجابته لدى كل كاتب يتسلح بالقلم الذي هو أمانة و أقسم به المولى عز وجل في محكم كتابه ؛ لكونه طريقاً للمعرفة ؛ و هو نعمة من العلي القدير ، و الكاتب لا يجب أن يكون بهذه النعمة مجنونا .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خط ساخن

مغالطات واجب تصحيحها في كتاب:(البـطنان مــعارك وقصائد)

خط ساخن