الخميس، 2 أبريل 2015

أعلى النموذج
وطن جريح تضمده النوايا !

رزق فـــرج رزق

بين صوت عساف و بندقية الأسير، توجد نبرات إنسان وآنين وطن، (غزة تحتفي بعساف، و صيدا تحتفي بالأسير .. لك الله يا وطن) هكذا كتبت على حائط "بروفايلي" في عالمي الافتراضي "فيس بوك"، الذي أدين له بكثير من الاحترام لدوره الفاعل في تساقط طواغيت العصر .
      لم أفسر رمزية الاحتفاء الذي نسّبته لغزة بالفنان محمد عساف، و صيدا بالشيخ احمد الأسير. ولا يعنيني من عساف والأسير الا ما حمل الجمل.
ثمة رابط جاء به خاطري عندما شاهدت استيقاظ للفتنة و بوتقتها بين قوسين، الجيش اللبناني وأنصار الأسير، التي تجمعهم صلة واحدة وهي لبنان الوطن..
وثمة رابط بل روابط آتى به الخاطر ايضاً عندما شاهدت غزة تحتفي بفوز عساف (...)، لكنها لم تنحصر بين قوسين، بل لها براحاً أوسع عم أرجاء الوطن.
وكعادتي اترك للقارئ فرصة المشاركة ولا اتطفل عليه بالتفسير والشرح، بل دائماً أترك مفاهيم ضمنية و تلميحات دون التصريح بمحتوى مقصدي.
أحدى الصديقات الافتراضيات الفلسطينيات علقت على المكتوب ، نافية وجه المقارنة بين (عساف، و الأسير)، ومؤكدة على دور عساف في وحدة الفلسطينين و حبه لفلسطين يتجلى من خلال أغانيه الوطنية منذ صغره. ــ و ليس سراً جميعنا نقاسم عساف حب فلسطين ــ.
زادني فخراً لوحدة فلسطينية شعارها الفن، و واعز وطني تجسده الأغنية، لكن فرحتي كما العادة لم تدم ، شوش عليها تجاذب سياسي (فتحي، حماسي) طرقت أبوابه ورقة سياسية مقيتة اتخذت من قبول استقالة رئيس الوزراء لحكومة فلسطين مفتتحاً،
لكن ردي على صديقتي الافتراضية التي أكن لها كل التقدير والاحترام جاء بشيء من الحرقة مع تقديري للزاوية التي فهمت منها كتابتي ؛ لا مقارنة في مقصدي .. بل هي نبرة من آهات كثيرة .. جمعتها متناقضات لترمي بأشلائها على عاتق الوطن الجريح .. يبقى "عساف" سفيراً للنوايا الحسنة و تختفي نوايا "الأسير" مع رائحة الدم .. لهذا جاءت عبراتي ..
لا "عساف" في شخصه ولا "الأسير" كانا سبباً لتفاعلي، بل جراح الوطن هي الوهج الذي استدعاء كلماتي وآهاتي، ليتها تقوى الكلمة على توحيد الصف، و ليتها تستطيع الدماء المهدورة على نصرة الحق، على الرغم من اختلاف الأدوات تبقى النوايا تضمد جراح الوطن.
لكن النوايا غير مسئولة على تساقط الأوراق، النوايا غير مسئولة على تعدد الأفكار ، النوايا غير مسئولة على دكتاتورية الرأي.
ها هي النوايا تجعل من أمير قطر يتنازل سلمياً على السلطة لأبنه و ولي عهده "الشيخ تميم"، وهو الذي اغتصبها من والده قبل ثمانية عشر عاماً، ترى هل حسن النوايا كما ظهرت في خطابه ولعبة التوريث والديمقراطية من أجل الوطن، أم هي تبادل أوراق على سبيل النوايا.
قادم الأيام تحمل لنا كثير من المفاجآت، اتمنى أن تمتلأ مخازن بنادقنا بالكلمة الهادفة و الفن الراقي والنوايا الحسنة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

الأحد، 29 مارس 2015

مغالطات واجب تصحيحها في كتاب:(البـطنان مــعارك وقصائد)

مغالطات واجب تصحيحها في كتاب:(البـطنان مــعارك وقصائد)
رزق فرج رزق
نسعد كثيراً عندما يصدر لكاتب من مدينتي كتاباً في أي مجال من مجالات المعرفة، لكن هذه المرة سعادتنا لم تدم بإصدار كتاب (البطنان معارك و قصائد) لمؤلفه حسين نصيب المالكي ،الصادر عن مركز نهر النيل للنشر، الموصوف بالدراسة ،التي أعدها - كما جاء في تقديمه - وفاءً منه لتاريخ الجهاد و تقديراً لدور المجاهدين، واحسبني أن المجاهدين لو كانوا على قيد الحياة لشاطروني الحزن على ما طال تاريخهم و تجاهل دور بعضهم. وما أن يطالعك العنوان حتى تعتقد أنه إثراءً مهماً ظهر على السطح الراكد سيحدث تموجاً بالشعر في التوثيق لدور المجاهدين في تاريخ الجهاد – حسب العنوان – إذ ما ربطنا المعارك بالقصائد. و لكن ما أن تقرأ العنوان و تترك لبصرك العنان والتأمل في الغلاف وتصميمه ، تعود مرة أخرى إليه - أي العنوان- وينتابك شعور أن الكاتب قد فجر قنبلة عن الصفحات المظلمة في حركة الجهاد في جرأة غير مسبوقة، ولم نعهدها من قبل. كون الغلاف عبارة عن أغصان أشجار متساقطة الأوراق تماماً، وغـروب خريفي يطغى عليه السواد. لتكتشف بمجرد فتحك الصفحة الأولى أنه من تصميم (ريهام سمير) التي يبدو أنها لم تتعرف عن الجهاد الليبي حتى من الكتاب الذي تصمم له. وولوجك في صفحات الكتاب يفاجئك بتقديم مختصر ؛ يذكر فيه أنه اعتمد على الرواة في دراسته .. لتكتشف في قائمة الرواة و المراجع أنه يذكر أسماءً ثلاثية منزوعة الصفة والعنوان وتاريخ الميلاد و الوفاة. وعنون للمقدمة بــ ( حركة الجهاد في البطنان ودفنة " من سنة 1911م وحتى سنة 1932م)، وارداً فيها الموقع الجغرافي وأهميته الاستراتيجية ، ذاكراً اقتباسات مباشرة دون التهميش لها ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ( قول مارتينو في سنة 1883م " إن الشعب المسيطر على طبرق ... إلخ" و كذلك قول أحد أعضاء مجلس الشيوخ الايطالي في كتاب له: " إن الدولة التي تسيطر على مدينتي طبرق وبنغازي ... إلخ ) ص6. كما يستوقفك الأسلوب في بعض المواضع ، منها : (... رأى المسئولون السفن الحربية ... ) ص7 ، و الفعل (رأى ) هنا أراد به (شاهد) . وفي ص 11 يفرد الكاتب مساحة للمجاهد الشيخ المبري ياسين دون التهميش إلى ما ذكر، لكن المُطلع سيكتشف أنها ملخص من كتاب معركة الناظورة ص (26 -30) الذي شارك المالكي في إعداده مع الأستاذ عاشور الدمنهوري. وفي حديثه عن معركة الناظورة التي كانت أولى معارك الجهاد لم يضف أي جديد بل اكتفى بنقل ما ورد في كتاب (معركة الناظور)، و أهمل ما قيل فيها من شعر اللهم الا بعض أبيات بترهن من قصيدة رواها الراحل محمد عوض بوغرارة: (على الناظورة صار نهار * * جميع المسلم فيها اخيار) تاركاً قصيدة المرحوم ابو بكر البوال السعيدي الشهيرة التي تقول : ( أول اسوالي باسم رب العالي ** جل جلاله فوق كل مكان) ومن بين أبياتها : (تريساً نقاوي ع الرصاص تقاوي ** ما ايريبوا من كبهة الطليان) و التي تجسد معركة الناظورة و المشاركين فيها خير تجسيد. بذكره للمشاركين فيها من أفراد و عائلات وبطون من قبائل اسهموا في رسم تاريخ النضال. و يأتي ذكر باقي المعارك في مختصر سطور كما ترد في المعاجم التاريخية بدون تفاصيل، و تأتي مغالطة أخرى فيما ورد لدى الكاتب في معركة المفصل الواقعة بتاريخ : 11مارس 1912م ، ان المجاهد بوسبيخة من بين المستشهدين فيها، و يأتي ذكر المجاهد بوسبيخة في معركة وادي العودة الواقعة في 12 مايو 1912م و انه قد وقع في الاسر و تم اعدامه رمياً بالرصاص في اليوم التالي في وادي امريرة، وهناك مصادر تقول أن متموح بوسبيخة تم القبض عليه في معركة وادي السهل. كما ذكر الكاتب بيت الشعر الشهير : ( الدايم الله يا متموح * * * اليوم يانك في الغريق مطوح) ولم يقتصر الخطأ لدى الكاتب على نقل البيت ، بل طال حتى تنسيبه ؛فقد نسبه لوالد المجاهد متموح بوسبيخة احميدة، وهي في الحقيقة مطلع أبيات نظمها الشاعر المشهور هاشم بوالخطابية الذي أفرد له المالكي جهداً خاصا أوسمه بــ : ديوان (هاشم بوالخطابية - دراسة و تحقيق) و أحسبه هو الأخر لم يحقق فيه شيئاً من شعر الشاعر، و أذكر أني قلت له يوما اكتفي بعبارة عرض و دراسة. كما تجاهل الكاتب أبيات الشعر المشهورة التي قالها والد الشهيد متموح بوسبيخة - راثياً أبنه ومعزياً نفسه - نذكر منها مطلعها المعبر كثيراً : (الله يربحه حودد احدود النوفه *** حتى أن مات ما عندي عليه حسوفه) كنت تمنيت على الكاتب افراد مساحة أوسع في كتابه لمن حُفرت اسمائهم على جبين التاريخ ولعبوا دوراً كبيراً في حركة الجهاد والمقاومة الوطنية في البطنان ، من أمثال القائد يوسف رحيل المسماري الذي قاد العديد من المعارك حتى بعد استشهاد شيخ الشهداء عمر المختار، إلى أن استشهد في معركة أم ركبة. و كذلك المجاهد سليمان مفتاح الجالي و المجاهد عثمان امراجع العدلي والمجاهد البناني مكائيل هاشم الذي استشهد فـــي معركة وادي قشاش. والمجاهد التواتي عبدالجليل العرابي قائد معركة (الكراهب) الشهيرة، و المجاهد هاشم سليمان الذي كبد الطليان خسائر جمة في وادي السهل و استشهد فيه، و نُصب له ضريحاً تتقدمه قصيدة الشاعر سالم البنكة الشهيرة معلقة على رخام و واضحة للعيان ، يقول مطلعها : ( ليش ما شرفوك في العلو *** نين ينظروك الحرابي يا فارساً تردع المِيل *** في يوم هد الطوابي ) من الناحية المنهجية يقف الكتاب دون مستوى الدراسة، كونه يفتقر إلى أساسيات البحث العلمي، من حيث التهميش، و يقتصر في إعداده على بعض المراجع بعضها من تأليف الكاتب نفسه، والخلط بين أكثر من طريقة من طرائق البحث العلمي في قائمة المراجع ، وعدم الرجوع إلى الأساسية، منها ( برقة "الهادئة"، لقراتسياني ، وليبيا بين الماضي و الحاضر " للدكتور حسن سليمان محمود، وحركة المقاومة الوطنية للدكتور يوسف البرغثي) وغيرها كثير، وتجاهل الدور الكبير لمركز جهاد الليبيين وإصداراته المقروءة والمسموعة والتي بينها روايات شفوية موثقة لرواة شهود عيان لحركة الجهاد منهم على سبيل المثال: ( رشيد سلامة المنفي، سليمان اسماعيل بوعلجية ، درمان ارواق درمان، مفتاح أبو مصورة، التواتي عبدالجليل العرابي ،وغيرهم كثير لا يتسع المجال لذكرهم و لا ينفع الحديث عن البطنان معارك وقصائد دون ذكرهم، كذلك الاعتماد على بعض المراجع التي تتناقض مع ذاتها، وتعترف بعدم تمكنها من الحصول على المعلومات، بالرغم من توفرها. كما اكتفى في جزء (قصائد في وصف طبرق)، على ثلاث قصائد من الشعر الفصيح، أولها للشاعر محمد الحصادي بعنوان "في وصف طبرق" و الثانية للشاعر حسين الحلافي بعنوان "طبرق" وأخرها للشاعر الدكتور شعبان محمد عوض بعنوان "أغنية إلى طبرق" ، أما في جانب الشعر الشعبي فاقتصرت على قصيدة للشاعر فضيل الشلماني " تهاتن على البطنان" وقصيدتين للشاعر هاشم بوالخطابية المعنونتين بــ : ( طبرق ، البطنان) سبق للكاتب نشرهما في ديوان هاشم بوالخطابية، ونسى أو تناسى العديد من القصائد التي نظمها الشعراء و لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن البطنان معارك وقصائد، منها قصيدة الشاعر الكبير الطالب دخيل الشهيبي، الذي قالها في معركة "الكراهب" و مطلعها : (صار في الكراهب يوم عاب عجلهن * * ردن بلا راده وقطعوا هلهن ) . ناهيك عن قصيدته الشهيرة"زينك يوم يوم الغبي بيده" الذي أكتفى الكاتب بذكر أبيات منها، بالرغم من أهميتها في التوثيق و تعزيز صحة الروايات في معركة الغبي. هذه بعض من جملة ملاحظات حول كتاب : ( البطنان معارك و قصائد) للكاتب حسين نصيب المالكي، وتبقى ملاحظاتنا هذه حرصاً منا على تاريخ الجهاد و دور المجاهدين الذي يكمل بعضه بعضاً ، اتمنى على المالكي أخذها بعين الاعتبار، لأن الخوض في هذا المجال ليس بالأمر السهل. بل يظل توثيقاً لحقبة مشرقة ستظل مزدهرة خضراء في صفحات التاريخ ،مهما طال خريف الزمان ، فلن تتساقط أوراقها ، واجب علينا حماية اشراقتها ، والبحث في هذا المجال الذي يحتاج إلى مزيد الجهد.ـــــــــــــــــــــــ نُشر في المأثور الشعبي العدد (75) بتاريخ 3/1/2011م

الخميس، 26 مارس 2015

المطلقات.. من الزواج الفاشل إلى العزلة الاجتماعية

 
أياً كان سبب الانفصال عن الزوج تبقى المطلقة في عين المجتمع الليبي كائناً تنقصه الأهلية للتصرف بحرية واستئناف الحياة كما قبل الزواج.
2/12/2013 | طبرق
 
فضلت عائشة التي تعيش في مدينة طبرق – أقصى الشرق الليبي – ذكر اسمها مجرداً عند حديثها لـ "مراسلون"، وطلبت عدم ذكر أي بيانات توضح شخصيتها أو تظهر صورتها، فالمرأة المطلقة في ليبيا ضحية عادات مجتمع لايرحم، ومجرد ظهورها لوسائل الإعلام يعد جريمة لا تغتفر.
حلمت عائشة ككل الفتيات بزواج "ينقلها إلى حياة تمنحها السعادة والاستقرار، و كسر شوكة العزوبية في مقتبل العمر، قبل أن يداهم حلمها الجميل خريف اليأس، ويفوتها القطار"، بحسب قولها.
وبعد أن تجاوزت سن الزواج دق بابها فارس ليس من فضاء أحلامها، لكنه جاء بمعرفة الأب، الذي اعتبر زواجها صفقة من صفقاته مع صاحب مهنته، دون أن يكون لها رأي في ذلك، فاعتبرته نصيبها، ووافقت.
حياة مستحيلة
تم الزفاف ودخلت "عائشة" في حياة أخرى كانت تتمنى أن تكون سعيدة ومستقرة، إلا أن الزوج الذي جاء به القدر فجأة لم ير في عائشة الزوجة والشريكة في حياته، بل أرادها خادمة في البيت، كأي قطعة من أثاثه.
فرفضت هذا الواقع، واعترض الزوج، وانقلبت حياتهما رأساً على عقب، و تحول زوجها إلى جلاد يطال سوطه جسدها لأبسط الأسباب.
الضرب المبرح كان سبباً كافياً تغادر به "عائشة" بيت الزوجية إلى بيت أبيها، الذي بدوره لم يتفهم حجم المعاناة التي تتكبدها ابنته، وأجبرها على العودة إلى زوجها، حتى استقر بها الحال أمام قاضي الأحوال الشخصية، الذي يبحث في أوراق القضية، التي نصت صحيفة دعواها على أن "عائشة تطلب الطلاق للضرر المتمثل في الضرب المبرح وسوء المعاشرة الزوجية".
غياب الأدلة
تقول عائشة "القاضي طلب دليلاً على تعرضي للضرب، فإما أن آتيه بشاهدين يحلفان اليمن على أنهما رأياني أُضرب على يد زوجي، أو تقرير شرعي يثبت تعرضي للضرب المبرح، وإلا فإن الدعوى تكون باطلة".
وتستطرد "من أين لي أن آتي بشاهدين وأنا أعيش وحيدة بين أربعة جدران"، إلا أن فقدانها للإثباتات لم يثنيها عن عزمها على الطلاق.
فأصرت على ادعائها بالرغم من عجزها عن إثبات الضرر، وأمام هذا الإصرار قضت المحكمة بتطليقها حضورياً دون أية حقوق شرعية، لتتحول "عائشة" من جحيم الزوج إلى مطلقة ينظر إليها المجتمع نظرة دونية، وتعاني التمييز الذي يمارس ضدها في كل موقف من مواقف الحياة.
تزايد ملحوظ
قام "مراسلون" بجولة على مسؤولي سجلات محكمة طبرق الجزئية، وبالرغم من شح المعلومات التي حصلنا عليها، الا أننا تحققنا من أن عدد حالات الطلاق في الأشهر العشرة الأولى من عام 2013 بلغت 390 حالة، بمتوسط 39 حالة شهرياً، في المدينة التي بلغ تعداد سكانها 120 ألف نسمة بحسب تعداد عام 2011.
لم تتوفر في المحكمة قاعدة بيانات مستوفاة عن حالات الطلاق، من حيث الأسباب والأعمار وتباينها بين الزوجين، وغيرها من المعلومات التي قد تفيد في توصيف هذه الظاهرة.
طلاق دون حقوق
إلا أن اللافت للانتباه أنه غالباً ولغياب الدليل وشهود الإثبات تضطر الزوجة إلى الاتفاق الصلحي، الذي تحصل بموجبه على ورقة الطلاق مقابل تنازلها عن كافة حقوقها، أما في حالة تمكن الزوجة من إثبات الضرر فهي تضمن كافة حفوفها المادية التي تعينها على الحياة خاصة في وجود أطفال.
يرى نزار الجالي المحامي أن "القانون الليبي بشأن الأحكام الخاصة بالزواج والطلاق وتعديلاته يعد قانوناً سليماً، ولا توجد فيه ثغرات تتعثر عندها العدالة، خاصة بعد إلغاء قانون تعدد الزوجات".
ويضيف الجالي لـ "مراسلون" أن القاعدة العامة تقول "القانون لا يحمي المغفلين"، ومن هذا المنطلق يعتبر أن "التأخير في تقديم الدعوى للضرر الناجم عن ضرب الزوج لزوجته حتى اختفاء آثر الضرب يزيل أسباب الدعوى".
أسباب كثيرة
أما أستاذة علم الاجتماع العائلي ورئيس قسم علم الاجتماع بكلية آداب طبرق الدكتورة سالمة عبدالله ترى أن "أسباب الطلاق متعددة منها ما هي شخصية تعود إلى الفوارق الثقافية بين الزوجين، وينتج عنها انعدام لغة التفاهم، مما يؤدي إلى انشقاق بين الزوجين ينتهي بالطلاق، ومنها ما هي اجتماعية كالتباين في الوضع الاجتماعي، وتفاوت العمر بين الزوجين".
واعتبرت عبدالله أن "شرب الخمر وتعاطي المخدرات من قبل الأزواج يعد أحد تلك الأسباب، بالإضافة إلى مشكلات العقم وعدم الانجاب، بينما تبقى مشاكل السكن، وانخفاض دخل الزوج من أبرز الدوافع إلى الطلاق".
وأشارت إلى الأثار الاجتماعية للطلاق ليس على المجتمع والأسرة والأبناء فحسب، فهو يؤدي أيضاً إلى "انسحاب المطلقة من الحياة الاجتماعية وفقدانها الأمل في زواج أخر" وخاصة في وجود أطفال.
وأكدت عبدالله على ضرورة توسيع نطاق برامج الرعاية والمساعدات الاجتماعية لإزالة الأسباب المادية المهددة لحياة الأسرة.
وبين انعدام لغة التفاهم، والتباين الاجتماعي، والتعاطي، إلى جانب مشاكل السكن و انخفاض الدخل، وغياب الرعاية الاجتماعية؛ تبقى "عائشة" وبنات جنسها ضحية انشقاق بينهن والجنس الآخر، لا ينتهي بالطلاق فحسب، بل يحكم على المطلقة بفقدان الثقة في النفس، والعزلة الاجتماعية.

الثلاثاء، 24 مارس 2015



الشيخوخة
رزق فـــــرج رزق. ليبيا
جلس الجميع على الشاطئ جماعات وأفراد ، ورغم كل ظروف الحياة القاسية الا أن الكل منتشي ،يداعب أريج اللحظة ، فأمواج البحر تعزف لحن الحياة ، وطائر النورس يرقص على أنغامها .
كل المتواجدين على الشاطئ ينصتون لذلك اللحن الرائع الضارب في عمق الزمن ، شئ ما جمع هذه الوجوه الشاردة ، وان كانت قد وضعت بعض الأصباغ ألا أن الحزن بدا واضحا على بعضها .
حاولت الجلوس بجانب رجل جالس على طاولة والسيجارة تعانق شفتيه ، وأمامه فنجان من القهوة.
استحيت في النهوض من أمامه ، ولكن لا فائدة فرائحة القهوة والسيجارة تدغدغ انفي والحساسية فتكت بخلايا الشم ، ولم اعد افرق بين رائحة القهوة ودخان السيجارة وبين رائحة الحدائق وعبيرها ، ولم يعد قلبي يفرق بين الحب و الكره .
الشمس قاربت على الغروب حتى ان ألوانها امتزجت بألوان البحر والأصداف وطيور النورس ، ورسمت وشما على جبين الماء سرعان ما تلاشي .
وقفت مودعاً الرجل ، أخذت أجُر قدميَّ في خطي بطيئة على رمال الشاطئ .
صاح طفل يقصدني يطلب مني أن أُعيد الكرة إليه ، وقد استقرت بالقرب مني ، وقفت وحملتها بين يدي ، أنتا بني شعور غريب حرك في داخلي مراكب الصبا التي قد رست في ميناء الشيخوخة السابقة أو أنها تتعالي صيحات الأطفال ،يستعجلونني في أعادة الكرة إليهم .
تعتريني نشوة قذف الكرة لكنني مؤمن بعجزي عن ذلك ، لأنني لم اعد مثل أيام زمان ، أيام مداعبة الكرة مع أطفال حي الحطية ، وقضاء أغلب الأوقات مطاردتها .
أعدت الكرة إليهم ،حينها كانت الشمس تزداد احمراراً .
لتصبغ الوجوه بلون الذهب .
وعاد الأطفال يقذفون الكرة ويتبعونها بعشوائية والآباء ينفظون رمال الشاطئ المتعلقة بهم ، وأنا أصارع الشيخوخة المبكرة التي لازمتني وأنا لا أتعدي الثالثة والعشرين من عمري في ذلك اليوم المرير . كانت الأيام تمر مابين هدوء متعب في العمل وقلق مريح في المنزل ، ومع الوقت بدأت انساق ارتياحا لهذا الوضع المتأرجح حتى جاء ذلك اليوم المرير ، قد يكون نعتي له بالمرير مدحا فيما لو قورن بما هو على حقيقته . بدأ ذلك اليوم مثل غيره وكالمعتاد ، ولكن كل شئ تغير بمجرد وصولي نقطة التلاقي .
لقد كانت لحظة ماكرة تلك التي ألقيت بها ناظري صوب سطح الرصيف لأجدها ترمقني بنظرة يملؤها كل ما في الأرض من خبث ومكر معاً .
لا أذكر ماذا حدث بعدها .
كل ما أذكره هو لون بساط سطح غرفة العمليات وهو يهوي نحو وجهي .


السيناريو من يكتبه وكيف؟


بقلم : رزق فـــرج رزق. ليبيا
Riziq2007@gmail.com
     الإبداع بشقيه الأدبي و الفني يحتاج في كتابته إلى مقومات عديدة يتطلب تواجدها في المبدع لينتج النص الأدبي أو الفني من حيث الشكل و المضمون، ونتفق جميعاً على من يحمل صفة المبدع يحتاج للتسلح بأدوات الإبداع – لغةً و أسلوباً – و يمتلك أفقاً واسعاً – واقعياً وخيالاً – ويلم بمكونات البناء الفني للنص الإبداعي و نوعه، فمن توجد فيه النقاط سالفة الذكر يحق أن ينعت بالمبدع الجيد، وكثير من يستحق هذه الصفة ، و لكن ما نحن بحاجة ماسة إليه هو مبدع أخر، يتحلى بسابق الصفات و يزيد عنها برؤية ثاقبة للنص و أبعاده الإبداعية الأمر الذي يعطيه القدرة على اشتقاق الصورة و الحركة وربطهما بالحوار الذي ينتج عنه قالباً أخر يكشف عن فكرة العمل الإبداعي الأول ( قصة أو رواية ).
إذن من المبدع التي تفتقر الساحة الإبداعية إليه ؟.
    هو كاتب السيناريو و الحوار،و يعرف في وسط الإبداع الفني بـ "السينارست"على الرغم من وجود نصوصاً أدبية تصلح أن تقدم كأعمال فنية (سينما ، تلفزيون).
نحن نفتقر إلى من يجعل برؤيته الثاقبة النص الأدبي يتجسد في صورة تصحبها الحركة  يتخللها الحوار ، نفتقر إلى السينارست الجيد.
و ألفتت أنتباهي لذلك المبدعة العراقية إنعام أحمد المقيمة في مدينتي عندما سألتني عن سينارست يتعاون معها في بعض قصصها و كتابة سيناريو لها لرؤيتها الخاصة في شخوص أعمالها و مدى صلاحيتها لتجسد عملاً سينماياً أو تلفزيونياً مكتمل الملامح, عندها طلبت منها مهلة لأنظر في مبدعين مدينتي ، و لكن في تقييمي لهم ومع احترامي الشديد و إعجابي اللا متناهي ببعضهم في كتابة القصة ، ألا أنني لم ألتمس المقومات لدى أي منهم في كتابة السيناريو.
لعل بعضنا تراوده أسئلة عديدة حول هذا النوع الإبداعي و لكونه لوناً لم يسبق التطرق له على الأقل في المشهد الثقافي الإقليمي، يمكننا أن نجمل التساؤلات التي نتوقع ،في سؤال واحد وهو :
. السيناريو من يكتبه و كيف؟
ونجعل تحت هذا السؤال إجابة شافية و كافية حول ما هو السيناريو؟ ومن هو السينارست؟
للقصص أحداثها ،والسرد و الحوار  مقومات تقوم عليها الحبكة الدرامية ، هكذا يكون العمل الإبداعي المكتوب والمقروء ، لتحويله إلى عمل مرئي سيحتاج إلى تعامل مع الصورة و الحركة التي نراها من خلال رؤية القاص، والتعرف على شخوص القصة والتعايش والتفاعل معها بداية من شخصية البطل حتى أقل شخصيات العمل وربما يتطلب إضافة شخصيىات هامشية تخدم العمل وتسهل التعامل مع السرد الزمني  ،أو الرابط السببي في البناء السردي، ونستطيع القول أن أهمية السرد لا تقتصر فقط على كونه عنصراً يجب دراسته في النص بل تعدت أهميته أنه يفتح مجالات أعمق للدراسة مثل دراسة الشخصيات و الهدف المرجو منها المراد توصيله للمتلقي.وهكذا نكون قد عرفنا أن السرد من العتبات الأولى للدخول  إلى العمل و هو لا يزال على الورق.
لو نظرنا إلى العمل عند تحويله إلى دراما سنجده يمر وفق الحبكة الدرامية بمراحل تكون متشابها –خاصة في الأعمال الخيالية – التي تدور في إطار أكلاسيكي ،يمكننا إدراجها هنا (الإعداد و المقدمة ،العقدة ، نقطة التحول، الصراع ،عودة البطل، الإدراك ) .
وفي المقدمة والإعداد تكون عائلة أو فريق عمل واحد داخل مؤسسة بينهم شخصية بطل زائفة يخدع أحد الأفراد بهذه الشخصية و يلحقه الضرر ، و يكشف النقاب عن الشخصية الزائفة ، ويظهر البطل الحقيقي ويبدأ في البحث و التخطيط لينال من الشخصية الزائفة وهذه هي العقدة، يترك البطل المكان الأساسي للأحداث ( البيت أو المؤسسة ) و يتعرض لإختبارات و تطرح عديد التساءلات و يتصرف حسب محرك الأحداث ، ويستعين بشخصيات مساعدة تدخل على العمل و تظيف له قيمة إلى جانب تسلية و إثارة ، و يتوصل البطل إلى المكان و الكيفية التي سيحقق فيه هدفه.وهكذا تكون نقطة التحول ، ويلتحم البطل مع الشرير في مواجهة مباشرة، يتميز البطل بعلامات تميزه (الخير) ، ويتم تسوية المأساة و يُهزم الشرير (الشر) وهذا هو الصراع ، هناك من يطارد البطل و يعرقل مسيرته أثناء العودة ،يدعي المهزوم ادعاءات كاذبة ، وعلى أثره يعاني البطل المشاق ، وهكذا تكون عودة البطل، يتم انجاز المهمة بعودة الحق لأصحابه و أصلاح ما يمكن إصلاحه، يتم فضح البطل الزائف وأعوانه و ينكشف أمره ويبدأ في التحول، و يلقى الشرير (الممثل للشر) جزاءه ، و يتوج البطل و يستقر – بالزواج أو العودة إلى الأسرة لتعم السعادة – و هكذا يكون الإدراك .
هنا نكون قد أعطينا فكرة عامة لعمل سيناريو لقصة ما توضيحاً لكيفية هندسة النصوص الإبداعية، كل هذه الأحداث التي مرت بنا ترتبط إلى جانب السرد السببي والزمني بحوار يعد باتقان يضفي جمالاً و تحسين للعمل يرفع عنه الملل و يقرب المسافات بين الأحداث.. و القائم بهذا العمل الجميل و الصعب في الوقت نفسه هو السينارست ، إذن يمكننا القول إن السينارست هو :
-         المخطط الأول للعمل الدرامي.
-    هو الذي يدخل بك إلى أجواء القصة دون أن تلاحظ ذلك من خلال الحوار و المشاهد المعبرة ( الصورة و الحركة).
-         هو الذي يجعلك تتفاعل مع العمل ثم يقطع المشهد و يحرق أعصابك وينتقل لمشهد أخر.
-     هو الذي يوصل القصة إلى قمة التعقيد حتى يظن المتلقي بأنه لا يوجد حل لهذه المشكلة حتى يأخذه تدريجياً نحو الحل من حيث لا يدري.
-     هو من يوزع المشاهد  و الأدوار و يتحكم  فيها وينقلها من وقت إلى أخر ومن مكان إلى أخر ومن ممثل إلى أخر كلاً حسب دوره  بالقصة.
-    هو من يعرف أولا وصف شخصيات العمل وما فيهم من علل وكذلك أعمارهم وما يتميزون به أثناء الحديث مثال الإشارة باليد أو الغمز بالعين أو نحو ذلك أو وجود عاهة  أو علامة في أحدى الشخصيات
-    هو الذي يضع النهاية للقصة .... كما إن السينارست غالبا ما يكون هو صاحب القصة وإذ لم  يكن كذلك  فيسمح له الحذف و الزيادة خدمة للعمل شريطة عدم المساس بالفكرة الأساسية للقصة.
هذا بصورة مبسطة السيناريو ومن يكتبه .. أو مهمة تحويل العمل الأدبي إلى عمل فني يتسم بالإبداع و يخلو من الجمود .